علاج بسيط ومتوفر لكورونا يأمل العلماء أن يساعد في القضاء على الوباء

اثنين, 01/02/2021 - 13:52

الزهرة / في عام 1873 كان عالم الآثار المصرية الشهير غيورغ إيبرز، يجوب منطقة الصعيد عندما وقع على كنز في متجر للتحف، كان يتردّد عليه خلال زياراته وتفقدّه الحفريات، الكنز كان برديّة ملفوفة عمرها 3500 سنة، وطولها 19 متراً، كُتبت عليها كل المعارف الطبية والعلاجات التي كانت متداولة على عهد الفرعون أمينوفيس من السلالة التاسعة عشرة.

اشترى العالم الألماني البرديّة وأرسلها فوراً إلى جامعة «لايبزيغ» التي كان يدرّس فيها، حيث لا تزال المخطوطة محفوظة إلى اليوم، وعلى متنها شروحات مفصّلة لأكثر من 80 مرضاً مع علاجات من بينها الزعفران، الذي كان يُستخدم لمداواة الالتهابات الحادة.

اليوم عاد الباحثون لعيلقون آمالًا كبيرة على الزعفران في علاج المصابين بفيروس كورونا المستجد.

وبيّنت نتائج عدة دراسات أُجريت في الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا واليونان وجنوب أفريقيا، وشارك فيها 4 آلاف مصاب بالفيروس، بينت أن تناول هذه المادة في المراحل الأولى من الإصابة بالوباء يخفّض بنسبة 25 في المائة من حاجتهم للعلاج في المستشفيات.

كما بيّنت أن مادة «كولشيسينين»، الموجودة في الزعفران، تحدّ من الحاجة لأجهزة التنفسّ الصناعي بنسبة 50 في المائة، وتخفّض معدّل الوفيّات الناجمة عن الفيروس بنسبة 44 في المائة، ولا تزال هذه الاستنتاجات في انتظار مراجعة مستقلّة قبل نشرها في الدوريّات العلميّة.

ويقول الإخصائي في أمراض القلب والجهاز التنفسّي بمستشفى مدريد الجامعي خوسيه لويس لوبيز، وهو الذي أشرف على البحوث في الفرع الإسباني لهذه الدراسة: «النتائج كانت مذهلة وآمالنا كبيرة في أن تساعد هذه الخطوة على الاقتراب من علاج نهائي، يضاف إلى ذلك أن تكلفة هذا العلاج زهيدة لا تتجاوز 3 يوروات لفترة شهر كامل».

منذ 3500 عام كان أطباء الفراعنة يداوون الالتهابات بالزعفران البرّي، وفي القرن السادس قبل الميلاد كان الطبيب البيزنطي الشهير إسكندر التريسي يداوي به داء النقرس، وإلى اليوم ما زالت مادة «كولشيسينين» هي العلاج الأساس لهذا النوع من التهابات المفاصل.

وجاء في فصل «خصائص العقاقير» من موسوعة «فردوس الحكمة» التي وضعها الطبري في القرن التاسع أن «الزعفران هو أنجع عقار لمداواة الالتهابات الحادة».

وثمّة إجماع اليوم في أوساط الباحثين على أن هذه المادة المعروفة بفاعليتها ضد الالتهابات، تساعد على احتواء العاصفة البروتينية التي تظهر عند بعض المصابين بكورونا، وغالباً ما تؤدي إلى الوفاة.

وتستند هذه الدراسة إلى تجارب سريرية أُجريت على أربعة آلاف مصاب بفيروس «كورونا» المستجدّ تجاوزوا الأربعين من العمر، لديهم أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكّري وأمراض القلب. وكانوا جميعاً يتناولون حبّة واحدة من «كولشيسينين» كل يوم طوال شهر في منازلهم.

ويقول اختصاصي أمراض القلب في جامعة مونتريال والمشرف على هذه الدراسة العالمية جان كلود تارديف: «إن (كولشيسينين) هو أول علاج في العالم عن طريق الفم يمكن أن يمنع حدوث المضاعفات الخطيرة التي تنشأ عن الإصابة بـ(كوفيد – 19)».

والمعروف أن الأوساط العلمية عموماً تقارب هذه الدراسات بكثير من الحذر قبل مراجعتها ونشرها في الدوريات الرصينة، خصوصاً بعد الفشل الذريع الذي رافق النظريات التي شاعت مؤخراً حول «ريمديسيفير» و«الهايدروكسي كلوروكين».

لكن الخبير الفيروسي الإيطالي ألبرتو تشيكو، الذي لم يشارك في هذه الدراسة، يعرب عن تفاؤله بنتائجها ويقول: «منذ قرون يلجأ الطب إلى هذه المادة التي تحمل دائماً مفاجآت سارة. ولا ننسى أن نفس الفريق كان قد نشر دراسة مراجعة في عام 2019 تبيّن أنها تساعد على التعافي من النوبة القلبية بفضل قدرتها على احتواء الالتهابات».

ويضيف تشيكو الذي دعا إلى الإسراع في مراجعة هذه الدراسة ونشرها: «نعرف أن الأدوية الكورتيزونية هي الأكثر فاعلية حتى الآن في علاج المرضى بكوفيد، ومن الطبيعي أن ينجح في علاجهم أيضاً دواء آخر مضاد للالتهابات يعمل بطريقة أخرى. (كولشيسينين) هو أشبه بإطفائي يحارب ألسنة النار التي ترافق عادةً فيروس (كورونا)، والتي تكون أحياناً أشد خطورة من الإصابة ذاتها».

ويقول الإخصائي في العلوم الوبائية تشارلز ريتشارد من جامعة دبلن: «رائعة هي النتائج التي تقدّمها لنا دراسة فريق الدكتور تارديف الذي يتمتّع بصدقية عالية، ولا شك عندي في أن البيانات التي اطّلعنا عليها اليوم سوف تؤكدها مراجعة النظراء قريباً ونراها منشورة في الدوريات العلمية».

لكن ريتشارد يحذّر من مغبّة تناول هذا الدواء من غير إشراف الأطباء بسبب تضاربه مع علاجات أخرى.