
انطلقت صباح اليوم الثلاثاء في مدينة مراكش المغربية أعمال المنتدى العربي الأفريقي حول المقاولة وحقوق الإنسان المنظم تحت شعار: "من أجل حوار إقليمي داعم لاقتصاد مسؤول يراعي حقوق الإنسان"، وذلك بحضور وفد رفيع المستوى برئاسة المفوض المساعد لحقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني السيد الرسول ولد الخال .
المنتدى الذي تنظمه المندوبية المكلفة بحقوق الإنسان في المملكة المغربية الشقيقة، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" وصندوق الأمم المتحدة للسكان، يحضره أزيد من 200 مشارك من مختلف البلدان العربية والأفريقية ويسعى إلى تعزيز التزامات الدول لحماية حقوق الإنسان في سياق الأنشطة الاقتصادية.
السيد المفوض المساعد لمفوضية حقوق الإنسان و العمل الانساني و العلاقات مع المجتمع المدني ألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى، تطرق خلالها إلى الخطوات الملموسة التي قطعتها بلادنا بفضل التوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في مجال تعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي لحماية الحقوق، ووضع سياسات لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار المسؤول، الذي يحترم كرامة العمال ويحمي البيئة.
كما أكد فيها أن التنمية الاقتصادية الفعالة والمستدامة لا يمكن أن تنجح ما لم تكن مرتكزة على احترام حقوق الإنسان، ومبنية على العدالة الاجتماعية، وضامنة لمشاركة الجميع، في صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة السيد المفوض المساعد:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله علي نبيه الكريم
السيد المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان في المملكة المغربية الشقيقة،
أصحاب المعالي والسعادة، رؤساء وممثلي الوفود المشاركة
السادة والسيدات ممثلي الهيئات والمنظمات الدولية،
أيها الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني ويشرفني أن أكون بينكم اليوم في المدينة الحمراء، مدينة مراكش الجميلة، مدينة التاريخ والثقافة، للمشاركة في هذا المنتدى العربي الإفريقي الهام حول المقاولة وحقوق الإنسان، المنعقد تحت شعار: "من أجل حوار إقليمي داعم لاقتصاد مسؤول يراعي حقوق الإنسان".
يمثل هذا اللقاء فرصة حقيقية لتبادل الخبرات والرؤى، وفتح آفاق تعاون جديدة، من أجل تنمية اقتصادية مستدامة تُعلي من كرامة الإنسان، وتضمن العدالة، وتعزز الشراكة بين الشعوب العربية والإفريقية.
أيها الحضور الكريم،
في بلدي موريتانيا، نؤمن إيمانًا راسخًا بأن التنمية الاقتصادية الفعالة والمستدامة لا يمكن أن تنجح ما لم تكن مرتكزة على احترام حقوق الإنسان، ومبنية على العدالة الاجتماعية، وضامنة لمشاركة الجميع، في صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي.
وبفضل التوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، قطعت بلادي خطوات ملموسة في هذا الاتجاه. فقد تم تعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي لحماية الحقوق، ووضعت الدولة سياسات لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار المسؤول، الذي يحترم كرامة العمال ويحمي البيئة.
كما أطلقت الحكومة عدة برامج لتمكين الشباب والنساء من دخول سوق العمل، وتوفير فرص متكافئة تحفظ الحقوق وتصون الكرامة، إلى جانب تحسين الولوج إلى التعليم والصحة والسكن اللائق والخدمات الأساسية، مع تركيز خاص على الفئات الأكثر هشاشة.
ولمعالجة قضية حقوق الإنسان ضمن إطار أكثر شمولا، اعتمدنا استراتيجية وطنية جديدة لترقية وحماية حقوق الإنسان للفترة 2024–2028، كما أنشأنا مؤسسة متخصصة لمحاربة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وتم استحداث محكمة متخصصة لمعالجة هذه القضايا.
أيها السادة والسيدات.
تواجه بلداننا العربية والإفريقية تحديات جسيمة منها ضعف البنى التحتية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وعدم تكافؤ الفرص، فضلاً عن تأثيرات التغير المناخي والأزمات الاقتصادية العالمية التي تزيد من هشاشة اقتصاداتنا.
إن مواجهة هذه التحديات تتطلب إرادة سياسية قوية، وتعزيز مؤسسات حقوق الإنسان، وتفعيل شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص، ودعم المجتمع المدني، لضمان تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة تحترم كرامة الإنسان.
وفي هذا السياق، تلعب المقاولة دورًا مركزيًا كفاعل اقتصادي واجتماعي في آنٍ واحد.
فالمقاولة ليست مجرد وسيلة لتحقيق الربح فقط، بل هي أيضًا وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال خلق فرص العمل، وتعزيز الكرامة الإنسانية في أماكن العمل، وحماية البيئة، واحترام حقوق العمال والمجتمعات المحلية.
السيدات والسادة،
تمتلك منطقتانا العربية والإفريقية إمكانيات هائلة، وطاقات شبابية واعدة، وموارد طبيعية غنية، لكن هذه الإمكانيات لن تؤتي ثمارها إلا إذا تم توظيفها ضمن سياسات عمومية ومبادرات خاصة ترتكز على الشفافية، والحكامة الرشيدة، واحترام الحقوق والمساواة والعدالة المناخية.
نحن مدعوون اليوم جميعاً لرسم ملامح نموذج تنموي جديد، نموذج إفريقي عربي ينبثق من خصوصياتنا الثقافية والاجتماعية، ويعكس قيمنا المشتركة، ويضع الإنسان في قلب العملية التنموية.
وفي الختام، لا يفوتني أن أعبر عن بالغ شكري وتقديري للمملكة المغربية الشقيقة، وللمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، ولكل شركائها على هذا التنظيم المحكم، وأدعو جميع المشاركين إلى استثمار هذه المناسبة كمنصة للتفكير الجماعي والعمل المشترك، من أجل اقتصاد يخدم الإنسان، ويحمي حقوقه، ويصون مستقبل الأجيال القادمة.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ويرافق السيد المفوض المساعد في هذا السفر السيد محمدن ولد آكاه، مكلفا بمهمة في المفوضية.